Wednesday, December 14, 2016

نساء المسلمين في الاسلام


إن المرأة أمًا كانت أو أختًا فهي النواة الأولي لقيام المجتمع، فلها أكبر الدور في تربية وتنشئة الأبناء، ومساعدة الزوج في الأعـمال ولعل في التاريخ نماذج مشرقة من أمهاتٍ كن ذلك النبع المعطـاء فكان أولادهن ثمـار غرسهن، وصدق الذي قال: لئن كُنَّ النساء كما ذُكِرنَ *** لفُضِّلت النساء على الرجال. فهـا هو دورك بنت الإسـلام، فأقدمي.
  لقراءة اهمية المرأة في الاسلام اضغط هنا 
الخنسـاء تماضر بنت عمرو بن الحـارث
عندمـا أخذ المسلمون يحشدون جندهم، ويعدون عدتهم زحـفا لمعركة القادسية، كانت الخنساء مع أبنائهـا الأربعة، تزحف مع الزاحفين للقاء الفـرس! وفي خيمةٍ من آلاف الخيام، جمعت الخنساء أولادهـا الأربعة، لتُلقي إليهم بوصيتها فقالت: "يا بني، أسلمتم طائعين، وهـاجرتم مختارين، والله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم!، وتعلمون ما أعده الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خيرٌ من الدار الفانية يقول تعالي: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]، فإذا أصبحتم غدا إن شاء الله سالمين، فاغدوا إلي عدوكم متبصرين بالله علي أعدائه منتصرين".

فلما أشرق الصبح واصطفت الكتائب وتلاقي الفريقان، أخذت تتلقي أخبار بنيها وأخبار المجاهدين، وجـاءها النبأ 

والدة الإمام سفيان الثوري

سفيان الثوري هو فقيه العرب ومحدثهم وأمير المؤمنين في الحديث، كان وراءه أمٌ صالحة تكفلت بتربيته والإنفاق عليه فكان ثمرتهـا. يقول: لما أردت طلب العلم قلتُ: يا رب، لابد لي من معيشة، ورأيتُ العلم يذهبُ ويندثر، فقلت: أفرغ نفسي في طلبه، وسألتُ الله الكفاية (أن يكفيه أمر الرزق)، فكان من كفاية الله له أن قيَّض له أمه، التي قالت له: "يا بني، اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي".

بل والأكثر من ذلك، أنها كانت تتعهده بالنصح والوعظ لتحضه علي تحصيل العلم، فكان مما قالته له ذات مرة: "أي بني، إذا كتبت عشرة أحـرف، فانظر هل تري في نفسك زيادة في خشيتك وحلمك ووقارك، فإن لم تر ذلك، فاعلم أنها تضرك ولا تنفعك"، هكذا كانت أمه، فكان سفيان!.

، فقالت: "الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مُستقرِ رحمته".

أم الإمـام مالك بن أنس
يروي ابن أبي أويس عن أم مالك ابن أنس قائلا: سمعت خالي مالك بن أنس يقول: كانت أمي تلبسني الثياب، وتعممني وأنا صبي، وتوجهني إلى ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وتقول: "يا بني! ائت مجلس ربيعة؛ فتعلم مِن سمته وأدبه، قبل أن تتعلم مِن حديثه وفقهه".

ست الركب أخت الإمام ابن حجر العسقلاني
كانت قارئة كاتبة، أعجوبة في الذكاء، أثنى عليها ابن حجر، وقال: "وكانت أمي بعد أمي"، وذكر شيوخها وإجازاتها من مكة ودمشق وبعلبك ومصر، وقال: "تعلمَت الخط، وحفظت الكثير من القرآن، وأكثرتْ من مطالعة الكتب، فمهرت في ذلك جداً، وكان لها أثر حسن عليه"، قال: "وكانت بي برة، رفيقة، محسنة"، وقد رثاها بقصيدة عنها بعد موتها.

والدة عبد الرحمن الناصر
أمير المؤمنين عبد الرحمن الناصر الذي ولى الأندلس وهي ولاية تميد بالفتن، وتشرق بالدماء، فما لبثت أن قرت له وسنت لخشيته، ثم خرج في طليعة جنده، فافتتح حصناً في غزوة واحدة. ثم أمعن بعد ذلك في قلب فرنسا وتغلغل في أحشاء سويسرا، وضم أطراف إيطاليا، حتى ريض كل أولئك له، ورجف لبأسه، وبعد أن كانت قرطبة دار إمارة يذكر الخليفة العباسي على منابرها، وتمضي باسمه أحكامها، أصبحت مقر خلافة يحتكم إليها عواهل أوروبا وملوكها، ويختلف إلى معاهدها علماء الأمم وفلاسفتها.
وسر هذا كله أمه التي ربته، فقد نشأ عبد الرحمن يتيماً قتل عمه أباه، فاعتنت أمه بتربيته.
أم السلطان محمد الفاتح
كانت أم السلطان محمد الفاتح تأخذه وهو صغير وقت صلاة الفجر؛ لتريه أسوار القسطنطينية وتقول له: "أنت يا محمد تفتح هذه الأسوار اسمك محمد كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم"، والطفل الصغير يقول: "كيف يا أمي أفتح هذه المدينة الكبيرة ؟!" فتقول بحكمة: "بالقرآن والسلطان والسلاح وحب الناس". توقفت كثيرًا أمام ذلك الرد القصير الحكيم، بتلك العناصر الأربعة التي جمعتها، فـفي محاولاتنا كلها غالبا ما نركز علي جانبٍ ونهمل الباقي.
أم بديع الزمان النورسي
انظر إلى هذه الكلمات للشيخ بديع الزمان النورسي، الذي يوصف بأنه مجدد الإسلام في بلاد الأناضول في العصر الحديث، يقول بعد أن يذكر عن والدته أنها لم تكن ترضع أولادها إلا على وضوء، يقول: "أقسم بالله إن أرسخ درس أخذتُه وكأنه يتجدد عليَّ، إنما هو تلقينات أمي رحمها الله ودروسها المعنوية، حتى استقرتْ في أعماق فطرتي، وأصبحتْ كالبذور في جسدي في غضون عمري الذي يناهز الثمانين، رغم أني قد أخذت دروسًا من ثمانين ألف شخص؛ بل أرى يقينًا أن سائر الدروس إنما تبنى على تلك البذور"

Tuesday, December 6, 2016

تفاؤل الرسول


إنّ من الصفات النبيلة والخصال الحميدة التي حبا الله بها نبيه الكريم ورسوله العظيم صفة التفاؤل، إذ كان صلى الله عليه وسلم متفائلاً في كل أموره وأحواله، في حلِّه وترحاله، في حربه وسلمه، في جوعه وعطشه، وفي صحاح الأخبار دليل صدق على هذا، إذ كان صلى الله عليه وسلم في أصعب الظروف والأحوال يبشر أصحابه بالفتح والنصر على الأعداء، ويوم مهاجره إلى المدينة فراراً بدينه وبحثاً عن موطئ قدم لدعوته نجده يبشر عدواً يطارده يريد قتله بكنز سيناله وسوار مَلِكٍ سيلبسه، وأعظم من ذلك دين حق سيعتنقه، وينعم به ويسعد في رحابه.

نعم إنه التفاؤل، ذلك السلوك الذي يصنع به الرجال مجدهم، ويرفعون به رؤوسهم، فهو نور وقت شدة الظلمات، ومخرج وقت اشتداد الأزمات، ومتنفس وقت ضيق الكربات، وفيه تُحل المشكلات، وتُفك المعضلات، وهذا ما حصل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما تفاءل وتعلق برب الأرض والسماوات؛ فجعل الله له من كل المكائد والشرور والكُرب فرجاً ومخرجاً.

فالرسول صلى الله عليه وسلم من صفاته التفاؤل، وكان يحب الفأل ويكره التشاؤم، ففي الحديث الصحيح عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح: الكلمة الحسنة ) متفق عليه.والطيرة هي التشاؤم.

وإذا تتبعنا مواقفه صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله، فسوف نجدها مليئة بالتفاؤل والرجاء وحسن الظن بالله، بعيدة عن التشاؤم الذي لا يأتي بخير أبدا.

فمن تلك المواقف ما حصل له ولصاحبه أبي بكر رضي الله عنه وهما في طريق الهجرة، وقد طاردهما سراقة، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم مخاطباً صاحبه وهو في حال ملؤها التفاؤل والثقة بالله : ( لا تحزن إن الله معنا، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتطمت فرسه - أي غاصت قوائمها في الأرض - إلى بطنها ) متفق عليه.

ومنها تفاؤله صلى الله عليه وسلم وهو في الغار مع صاحبه، والكفار على باب الغار وقد أعمى الله أبصارهم فعن أنس عن أبي بكر رضي الله عنه قال : ( كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار، فرفعت رأسي، فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت: يا نبي الله لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا، قال: اسكت يا أبا بكر، اثنان الله ثالثهما ) متفق عليه.


وبعد: - أخي القارئ الكريم - فما أحوج الناس اليوم إلى اتباع سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان   يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا } (الأحزاب:21) . إن واقع أمة الإسلام اليوم ، وما هي فيه من محن ورزايا ، ليستدعي إحياء صفة التفاؤل ، تلك الصفة التي تعيد الهمة لأصحابها ، وتضيء الطريق لأهلها، والله الموفّق .

الراعي والرعيه


استمر العهد الأسلامي لسنوات طويله شامخاً قوياً لعدة اسباب وكان من هذه الاسباب حفظ حقوق الراعي والرعيه , ومامن دوله نهكت فيها هذه الحقوق إلا سقطت وتزعزع امنها 

ولهذا جاء الاسلام كاملاً محتوياً على جميع الخيرات والفضائل , وجائت الشريعه شاملة لجميع مايحتاج اليه الناس فنظمت احكام معاملات الناس فيما بينهم في كل شيء , ولهذا فإن العمل بالشريعه سبب استقامه احوال الناس وخلوها من المشاكل 
أولا: حقوق الراعي: 
إن الله – جل وعلا – قد أوجب لأئمة المسلمين حقا على الرعية يجب عليهم أن يقوموا به، ويحرم عليهم التفريط فيه، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «إن الدين النصيحة، إن الدين النصيحة، إن الدين النصيحة». قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم»(1 )، فللأئمة حقوق على الناس يجب عليهم أن يراعوها، وأن يقوموا بها، ويحرم عليهم أن يفرطوا في شيء منها.
إذا تقرر هذا فما هي هذه الحقوق؟ 
1 – اعتقاد ولايته وأن الله – جل وعلا – قد جعله إماما للمسلمين:
قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات مات مِيتة جاهلية».( 2)
2- طاعتهم في المعروف ظاهرًا وباطنًا:
قال الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} [سورة النساء: الآية 59] ويقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «السمع والطاعة حق على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أُمِر بمعصية فلا سمع عليه ولا طاعة» ( 3)، ويقول – صلى الله عليه وسلم -: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ» ( 4)، ويقول – صلى الله عليه وسلم -: «اسمع وأطع للأمير الأعظم، وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك» كما رواه الإمام مسلم في صحيحه(5 ).
3 – النصح لهم وتبيين الحق بلطف:
قال النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ» كما رواه الإمام مسلم في صحيحه ( 7).
فمن حقوق الراعي تنبيه الرعاة لما غفلوا عنه، أو لم يبلغهم من حقوق المسلمين بأسلوب مناسب، وطريقة طيبة بحيث تؤدى الحقوق لأصحابها
4- تأليف القلوب على طاعتهم:
 قال الله – جل وعلا -: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [سورة يوسف: الآية 108]، فكل من كان تابعا للنبي – صلى الله عليه وسلم – فإنه يقتدي بطريقته في الدعوة إلى الله – عز وجل -.
5- عدم الخروج على ولاة الأمور:
 وهو من المحرمات الشرعية لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً ( 8)» كما رواه الإمام مسلم في صحيحه (9 ).
ومن حق الراعي أيضا أن نبين كل جهد يقوم به أحد من الناس في الخروج عليهم، نتقرب بذلك لله – عز وجل -، فإذا رأينا تصرفًا يُراد به إخلال بأمن أو خروج على الراعي وجب على كل من علم بحالهم أن يبلغ الولاة، وأن يعرفهم بذلك، فإن هذا من الواجبات الشرعية، ويحرم على الإنسان أن يساعد أحدًا ممن يقوم بأي جهد يؤدي إلى الخروج على الولاة أو الأئمة، فإن ذلك مما يخالف شريعة رب العالمين، لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ»( 10).
6- الصلاة خلفهم والجهاد معهم:
 قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «وإذا استُنفرتم فانفروا» ( 11).
7- أداء الزكاة والصدقات لهم:
 كما أمر الله – عز وجل – بذلك في قوله – سبحانه -: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [سورة التوبة: الآية 103].
8- عدم غش الأئمة بالثناء الكاذب:
 قال الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [سورة التوبة: الآية 119]، وقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الكَذِبَ رِيبَةٌ» ( 12).
9- الدعاء لهم:
 كما قال – سبحانه -: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [سورة غافر: الآية 60]، وقال:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [سورة البقرة: الآية 186]، وقد جاء في الحديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ، قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ» كما في صحيح مسلم ( 13).
10- تعظيم مكانتهم وقدرهم:
  لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ» كما أخرج أبو داوود في سننه    (14 )، وأخرج الترمذي في سننه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «مَنْ أَهَانَ سُلْطَانَ اللَّهِ فِي الأَرْضِ أَهَانَهُ اللَّهُ» ( 15).
11- إعانتهم على الخير:
 انطلاقا من قول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [سورة المائدة: الآية 2 ].
وقد جاء في الحديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ» ( 16)، 
12- الذب عن عرضه بالقول والفعل: 
  فقد جاء في الحديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَرُدَّ عَنْهُ نَارَ جَهَنَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ( 17).
13- الصبر على جورهم:
  يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «من كره من أميره شيئا فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبرا مات مِيتَة جاهلية» كما في الصحيحين ( 18).
14- الوفاء بالبيعة:
 قال تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [سورة الإسراء: الآية 34 ] وقال: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [سورة المائدة: الآية 1.
15- الكف عن معايبهم: 
 فإن هذا من المحرمات التي تدخل في قول الله – عز وجل -: {وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [سورة الحجرات: الآية 12]، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – في الغِيبة: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ» قِيلَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ».( 21)



ثانيا: حقوق الرعية: 

وأما القسم الثاني من الحقوق فهو: ما يتعلق بحقوق الرعية، وهي على نوعين:
النوع الأول: حقوق للرعية على الراعي: 
مثل: العدل، وحماية الثغور، وتحكيم الشريعة، وحماية الأمة من فساد المعتقد والأخلاق، والقيام على مصالح المسلمين، وعدم إضاعة شيء منها، وعدم الاحتجاب عن شيء من مصالحهم، مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والرفق بالرعية، ونحو ذلك من الحقوق الشرعية الواجبة على الراعي تجاه الرعية، وهذه الحقوق يحسن أن يخاطب بها الراعي مباشرة.
النوع الثاني: حقوق الرعية بعضهم على بعض:
إن الشريعة كما جاءت بإيجاب حقوق للراعي على الرعية، وللرعية على الراعي، جاءت أيضا بإيجاب حقوق متعددة للرعية بعضهم على بعض، فمن حقوق الرعية بعضهم على بعض:
1- كف الأذى:
كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ» كما في صحيح مسلم (26 )، ويقول الله – جل وعلا -: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [سورة الأحزاب: الآية 58]، فأذية الرعية من كبائر الذنوب، ومن المعاصي التي لا بد فيها من أخذ صاحب الحق لحقه، ومن هنا يحذر الإنسان من أذية غيره، ولهذا جاء في الحديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟» قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّار ِ»( 27).
2- إعانتهم:
جاء في الحديث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «ويعين الرجل على دابته فيحمل عليها، أو يرفع عليها متاعه صدقة» كما ورد ذلك في الصحيحين (28 )، وقال – صلى الله عليه وسلم -: «وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» ( 29).
3- ستر عوراتهم:
ومن حقوق الرعية بعضهم على بعض: ستر عوراتهم، فإذا رأينا شيئا من المنكرات أو المحرمات لم نشعه في الناس، ولم نتكلم به، وإنما نصحنا صاحبه، ونتكلم معه بأسلوب مناسب، وطريقة طيبة، ونبين له الحق، ونستر عيبه وذنبه
ومن هنا جاءت الشريعة بالأمر بستر معايب الآخرين، فقال – صلى الله عليه وسلم – «من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة»( 30).
4- تعليم جاهلهم:
ومن حقوق الرعية بعضهم على بعض: تعليم جاهلهم، فمتى وجدنا أحد الرعية يجهل شيئا من الأحكام، عَلَّمْنَاهُ وبَيَّنا له الحكم الشرعي، وهذا دأب الصحابة والتابعين من بعدهم.
5- إرشادهم لما فيه مصلحتهم: 
ومن حقوق الرعية بعضهم على بعض: إرشاد بعضهم لمصالح الآخرين، فيشير عليه بالمشورة الصالحة، ويوضح له ما تستقيم به أحواله في دنياه وفي آخرته.
6- دفع المضار عنهم:
 يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ – أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ – شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ»(31 )، فجعل إماطة الأذى عن الطريق – حتى لا يتأذى منها المسلمون – من شعب الإيمان، ويقول – صلى الله عليه وسلم -: «لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ، فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ، كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ» كما ثبت ذلك في الصحيح(32 )، وقد جاء في الحديث: «وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ( 33).
7- جلب المنافع لهم:
يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الْأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ» ( 34)، فهنا لما أزال الضرر كان ذلك من الحسنات التي تسجل في ميزان العبد يوم القيامة، فالمقصود أن جلب الخير والمصلحة لإخواننا المسلمين هذا من حقوقهم علينا، لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» كما في الصحيح (35 ).
8- أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر:
والله – جل وعلا – يقول: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ} [سورة التوبة: الآية 71]، ويقول النبي – صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ» (36 ).
9- توقير الكبير ورحمة الصغير: 
 قال الله تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [سورة الحجر: الآية 88] ويقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ» (37 )، وقال – صلى الله عليه وسلم -: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»( 38)، ويقول – صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ»( 39)، ويقول – صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا»( 40).
10- حب الخير لبعضهم البعض: 
جاء في حديث أنس في الصحيح أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» (41 ).
11- المحبة لهم: 
يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ» (42 )، ولما ذكر السبعة الذين يظلهم الله في ظله ذكر منهم: «وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ» ( 43)، وقال – صلى الله عليه وسلم -: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» ( 44).
12- الذب عن أموالهم وأعراضهم: 
ومما جاءت به الشريعة من حقوق الرعية بعضهم على بعض: الذب عن أموالهم وأعراضهم وجميع حقوقهم، فإذا وجدت شيئا من حق أخيك يراد انتهاكه، إما بلسان، أو بيد، فإن من حق أخيك عليك أن تقوم بحماية حقه، وعدم تمكين المفسدين من شيء من حقوق إخوانك المسلمين.
13- تنشيط الهمم للطاعة: 
ومن حقوق الرعية بعضهم على بعض: أن ينشط بعضهم همم بعضهم على الطاعة، إما بأن يتعاونوا عليها، وأن يكونوا يدًا واحدة في القيام بها، وأن يذكر بعضهم البعض بهذه الطاعات حتى يقوموا بها.
14- حسن المعاملة وحسن الأخلاق: 
ومن حقوق الرعية بعضهم على بعض: إحسان التعامل والأخلاق فيما بينهم، فيحسن الإنسان تعامله مع إخوانه، يتقرب لله – عز وجل – بذلك، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ» (45 )، ويقول – صلى الله عليه وسلم -: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ» (46 ).
15- العفو عن الزلات:
ومن حقوق الرعية بعضهم على بعض: أن يعفو بعضهم عن زلات بعض، فإنه ما من إنسان إلا ويحصل منه تقصير، وتحصل منه هفوة، فعندما يصبر الإنسان على خطأ الآخرين، ويعفو عن زلاتهم تستقيم الأحوال.
16- تواضع بعضهم لبعض:
 يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا، حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلاَ يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ» ( 48)، 
فكل من كان فيه صفة توجب ضعفه، فإن الشريعة تأمر بالإحسان إليه والقيام بحقه أعظم من أمرها بالقيام بحق غيره، ومن هنا فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلاَّ بِضُعَفَائِكُمْ؟»( 55)، وقال – صلى الله عليه وسلم -: «السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَكَالْقَائِمِ لَا يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِمِ لَا يُفْطِرُ» (56 ).
17- توقير العلماء:
 قال الله تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [سورة الزمر: الآية 9] وقال – جل وعلا -: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلًا} [سورة النساء: الآية 83] وقال: {وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [سورة التوبة: الآية 122].
فهذا شيء من النماذج مما جاءت به الشريعة في حقوق الرعية، سواء حقوق الرعية على الراعي، أو حقوق الرعية بعضهم على بعض.

نزول الوحي على سيدنا محمد

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتعد عن أهل مكة لأنهم يعبدون الأصنام ويذهب إلى غار حراء في جبل قريب. كان يأخذ معه طعامه وشرابه ويبقى في الغار أيامًا طويلة. يتفكّر فيمن خلق هذا الكون …
وفي يوم من أيام شهر رمضان وبينما كان رسول الله يتفكّر في خلق السموات والأرض أنزل الله تعالى عليه الملك جبريل، وقال للرسول: "اقرأ" فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما أنا بقارئ"، وكرّرها عليه جبريل ثلاث مرّات، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في كل مرّة: "ما أنا بقارئ". وفي المرّة الأخيرة قال الملك جبريل عليه السلام: "اقرأ باسم ربّك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربّك الأكرم. الذي علّم بالقلم. علّم الإنسان ما لم يعلم".
وكانت هذه الآيات الكريمة أوّل ما نزل من القرآن الكريم. حفظ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ما قاله جبريل عليه السلام.
عاد الرسول صلى الله عليه وسلم خائفًا مذعورًا إلى زوجته السيدة خديجة وكان يرتجف فقال لها:"زمّليني، زمّليني" (أي غطّيني). ولما هدأت نفسه وذهب عنه الخوف أخبر زوجته بما رأى وسمع فطمأنته وقالت له: "أبشر يا ابن عم، إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة".
كان الرسول قد بلغ الأربعين من عمره عندما أنزل عليه القران الكريم.

Sunday, December 4, 2016

                         حياة الرسول صلى الله عليه وسلم قبل البعثه 

حياة  الرسول صلى الله عليه وسلم قبل البعثة
ولد صلى الله عليه وسلم فى بيت من بيوت العرب فهو من أشرف فروع قريش وهم بنو هاشم وقريش أشرف بيلة فى العرب و أ زكاها نسبا وأعلاها مكانة و قد روى عن العباس رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال

((إن الله خلق الخلق فجعلنى من خيرهم من خير فرقهم وخير الفريقين ثم تخير القبائل فجعلنى من خير قبيلة ثم تخير البيوت فجعلنى من خير بيوتهم فأنا خيرهم نفسا وخيرهم بيتا)) 

وأنه نشأ يتيما فقد مات أبوه عبد الله و أمه حامل به لشهرين فحسب ولما أصبح له من العمر ست سنوات ماتت امه آمنة فذاق صلى الله عليه وسلم فى صغره مرارة الحرمان من عطف الأبوين و حنانهما وقد كفله بعد ذلك جده عبد المطلب ثم توفى ورسول الله ابن ثمان سنوات فكفله بعد ذلك عمه ابو طالب حتى نشأ واشتد ساعده و إلى يتمه أشار القرآن الكريم بقوله 
((ألم يجدك يتيما فئاوى)) 
و أمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم السنوات الأربع الأولى من طفولته فى الصحراء فى بنى سعد فنشأ قوى البنية ,سليم الجسم,فصيح اللسان ,جرىء الجنان ,و قد تفتحت مواهبه على صفاء الصحراء و هدوئها وإشراق شمسها و نقاوة هوائها وكانت تعرف فيه النجابة من صغره وتلوح على محياه مخايل الذكاء الذى يحببه إلى كل من رآه,
فكان إذا أتى الرسول وهو غلام جلس على فراش جده وكان لا يجلس معه أحد على الفراش وكان يحاول أعمامه انتزاعه عن الفراش فيقول لهم عبد المطلب دعوا ابنى فوالله إن له لشأنا 
وكان عليه الصلاة والسلام يرعى فى أوائل شبابه الغنم لأهل مكة بقراريط يأخذها اجرا على ذلك ولما بلغ من عمره خمسا وعشرين عمل لخديجة بنت خويلد فى التجارة بمالها على أجر تؤديه إليه ولم يشارك عليه الصلاة والسلام أقرانه من شباب مكة فى لهوهم ولا عبثهم وقد عصمه الله من ذلك

وعرف عنه منذ إدراكه رجحان العقل و أصالة الرأى و فى حادثة الحجر الأسود من الكعبة دليل واضح على هذا عندما قرر أهل مكة هدم الكعبة و تجديد بنائها و فعلوا ذلك ولما وصلوا إلى مكان وضع الحجر اختلفوا اختلافا شديدا فيمن يكون له شرف وضع الحجر الأسود فى مكانه و ثم ارتضوا عندما دخل عليهم رسول الله و قالوا هذا المين رضينا بحكمه و قد قام الرسول ببسط رداءه ثم آخذ الحجر ووضعه فيه ثم أمرهم أن تأخذ كل قبيلة بطرف من الرداء فلما رفعوه وبلغ الحجر موضعه أخذه ووضعه بيده فرضوا جميعا وصان الله بوفور عقله و حكمته دماء العرب من أن تسفك إلى مدى لا يعلمه إلا الله

وعرف عليه الصلاة والسلام فى شبابه بين قومه بالصادق المين واشتهر بينهم بحسن المعاملة و الوفاء بالوعد واستقامة السيرة و حسن السمعة مما رغب خديجة فى ان تعرض عليه الأتجار بمالها و عندما ر أت الربح الكثير منه و أمانته وإخلاصه حملها ذلك على أن ترغب فى الزواج منه فقبل أن يتزوجها و هو أصغر منها بخمسة عشر عاما و أفضل شهادة له بحسن خلقه قبل النبوة قول خديجة له بعد أن جاءه الوحى فى غار حراء و عاد مرتعدا 

(((كلا والله لا يخزيك ابدا ,إنك لتصل الرحم, وتحمل الكل(الضعيف) وتكسب المعدوم و تقرى الضيف و تعين على نوائب الحق))) 

وحبب الله إليه عليه الصلاة والسلام قبيل البعثة بسنوات أن يخرج إلى غار حراء وكان يخلو فيه لنفسه مقدار شهر و كان فى شهر رمضان ليفكر فى آلاء الله وعظيم قدرته واستمر على ذلك حتى جاءه الوحى ونزل عليه القرآن الكريم


..
الدروس والعظات :_ هو أنه كلما كان الداعية إلى الله أو المصلح الجتماعى فى شرف من قومه و إن فى تحمل الداعية آلام اليتم أو العيش ,وهو فى صغره ما يجعله أكثر إحساسا بالمعانى الإنسانية النبيلة و كلما عاش الداعية فى جو أقرب إلى الفطرة و أبعد عن الحياة المعقدة وكان ذلك أدعى إلى صفاء ذهنه و لا يتأهل لمركز الدعوة و قيادتها إلا الذكى النبيه وينبغى للداعية أن يعتمد فى معيشته على جهده الشخصى أو مورد شريف لا استجداء فيه و لا ذلة ولا مهانة و إن استقامة الداعية فى شبابه و حسن سيرته أدعى إلى نجاحه فى دعوته إلى الله و إن تجارب الداعية بالسفر ومعاشرة الجماهير و التعرف على عوائد الناس و اوضاعهم و مشكلاتهم لها أثر كبير فى نجاح دعوته ما يمكنه من أن يحقق قول الله تعالى ((ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)) و يجب على الداعية إلى اله محاسبة نفسه إن قصر فى خير أو زل فى اتجاه أو جانب سبيل الحكمة أو أخطأ فى سبيل أو منهج أو أنغمس مع الناس فى الجدال و النقاش حتى أنسته تذكر الله و الأنس به و تذكر الآخرة و جنتها ونارها والموت و غصصه و آلامه و لذلك كان التهجد و قيام الليل فرضا فى حق النبى صلى الله عليه وسلم مستحبا فى حق غيره وأحق الناس بالحرص على هذه النافلة هم الدعاة إلى الله و شريعته وجنته نحن فى لذة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها و حسبنا قول الله تبارك و تعالى مخاطبا رسول الله صلى الله عليه وسلم((يأيها المزمل,,قم الليل إلا قليلا,,نصفه أو أنقص منه قليلا,,أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا,, إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا,,أن ناشئة اليل هى أشد وطئا و أقوم قيلا))) صدق الله العظيم ((المزمل : 1_6))